الكلمة الأسبوعية
إلى خطبائنا وأئمة مساجدنا 3
بسم الله الرحمن الرحيم
تقع عليك، أيها الخطيب والواعظ، مهمة جذب الناس إليك والاستماع بقلوبهم وعقولهم لما تقول، ولابد أن تدرك أنك مطالب باستعمال كل الأساليب الحسنة والمؤثرة لتحقيق ذلك، وهذا مقتضى قوله ﷺ “ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ”، وقوله تعالى: “فَبِمَا رَحۡمَة مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِیظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنۡ حَوۡلِكَۖ”، فمن تمام التبليغ عن الله وعن رسول الله ﷺ يقتضي استعمال أفضل الأساليب وأنجعها لتحقيق البلاغ، مما يتطلب من الخطيب والواعظ الانتباه إلى الأمور التالية:
1)إخلاص النية والقصد، وإرادة العمل ابتغاء مرضاة الله، حتى لا يتأثر أداؤك بردود فعل الناس سواء بالثناء أو النقد أو غيرهما، وهذا أدعى للاستمرار والعزم، امتثالا لقوله تعالى: “وَذَكِّرۡ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ”، وعندما سئلﷺ أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله؟ قال: (أدومه وإن قل).
2)وضوح الخطاب واختصار زمنه إلى الحد غير المخل، فالكلام عندما يكثر يُنسي بعضُه بعضا، وتركيز الناس يتفاوت من شخص لآخر، ولكن الأغلب الأعم لا يتجاوز استيعابه وتركيزه الدقائق المعدودة، ولذلك كان رسول الله ﷺ يتخول الصحابة بالموعظة كما ذكر ابن مسعود رضي الله عنه مخافة السآمة، ولو أراد أحد أن يعد كلمات رسول اللهﷺ لفعل.
3)التحضير الجيد للخطبة، وإعدادها بطريقة تجذب السامع، وتنبه الغافل، ولا تكون مجرد قراءة من صحيفة، بل لابد من استيعابها وإلقائها بطريقة تعبّر عن محتواها بروح متفاعلة وإلقاء جيد ولغة سليمة.
4)ملامسة واقع وقضايا الناس بحديثه، ولا تكون مجرد خطبة لملء الفراغ، بل لابد أن يشعر الناس أن الخطيب يهتم لهم، يتألم لألمهم، ويفرح لفرحهم، ويعطيهم حلولا لمشاكلهم، وينبهم لما يمكن أن يضرهم، ويدلهم على ما ينفعهم. وهذا يتطلب من الخطيب إلمامه بواقع الناس ومشاكلهم وقضاياهم وواقع البلد، وما يحدث فيه من وقائع وأحداث.
5) التطوير المستمر وتعلم كل الأساليب الحديثة في مخاطبة الجمهور، ووسائل الإقناع، من خلال تقييم الأداء، وتلقي الدورات المختلفة في هذا المجال ومتابعة الجديد فيه.
هذه بعض من الأمور التي ينبغي الانتباه لها، والتفاصيل تطلب في مظانها، وما هذه إلا إشارات وعناوين للتنبيه والاسترشاد، والأمر المهم في الموضوع أن ندرك جميعا خطباء ووعاظ وعلماء حاجة الناس إلينا، وواجبنا تجاههم، ويكون بعد ذلك البحث والتطوير والإجادة، “وَٱلَّذِینَ جَـٰهَدُوا۟ فِینَا لَنَهۡدِیَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ”
ينبغي أن يكون الخطيب والواعظ حاملاً لهمِّ الإسلام وواقع الأمة المسلمة كلها، فهو كما يحافظ على الصلوات الخمس في المسجد، ويتقن حفظ القرآن، وهو ينشر الفهم الصحيح للإسلام، مع زيادة في الاطِّلاع على كتب العلم، كذلك أن يعيش أحداث الأمة كلها ولا ينفصل عنها، ملتحمًا بالمجتمع، يشارك في إرشاده وحل مشكلاته، والله ولي التوفيق، وهو الموفق لكل خير، فنعم المولى ونعم المعين