الكلمة الأسبوعية
إلى رجال الإعلام الكرام-1
بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الكلمة وسيلة إيصال المعلومات، ووعاء الأفكار والمعتقدات، بها خاطب المولى عباده، فبين لهم الحلال من الحرام، والكفر من الإيمان، وبها وسوس الشيطان لأبينا آدم، ويسر له معصية الرحمن، فهي تحمل في طياتها الخير والشر والحسن والقبيح، وقد نبّهنا الرسول المصطفى ﷺ لأهمية الكلمة متمثلة في العضو الذي ينطق بها، وهو يندرج على كل وسيلة يمكن أن تعبر عما عبر عنه اللسان، فقال ﷺ مخاطبا معاذ بن جبل: “ألا أخبرُك بمِلاكِ ذلِك كلِّه؟ قلتُ: بلَى، يا نبيَّ اللهِ، فأخذَ بلسانِهِ، وقال: كُفَّ عليكَ هذا، فقُلتُ: يا نبيَّ اللهِ، إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟ قال: ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِ علَى وجوهِهِم، أو علَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم.”
تكمن كثير من المشاكل، إن لم يكن أغلبها، فيما نتناقله من أخبار ومعلومات، سواء بالطريقة المباشرة بالقول باللسان، أو عن طريق وسائل الاتصال والتواصل المختلفة، من إعلام مرئي ومسموع، أو وسائل التواصل المتعددة، فتتكون منها صورة معينة في أذهان الناس، وبالتالي تتكون قناعات يعبر عنها بصور متعددة ومختلفة سواء كانت إيجابية أو سلبية.
وهنا يكمن دور الإعلام والإعلاميين فيما ينقلونه للناس من أخبار وأفكار ومعلومات، وهنا تكمن خطورة الدور الذي يقومون به، ونحن هنا نخاطب الإعلاميين الملتزمين بالقيم والمصالح المنبثقة من ديننا وقيمنا وعاداتنا وأعرافنا الليبية والعربية والمسلمة، فأنتم قد وصلتم إلى الناس في بيوتهم وغرف نومهم، وفي أوقات العمل وخارجه، من خلال الكلمة والصورة والمشهد والفيلم الوثائقي، وكل ما يعبر عن المعلومة والخبر، وهذا الولوج إلى أخص خصائص الإنسان عموما، أعطاكم قدرة فائقة، وتأثيرا بالغا، وقوة حاكمة، فهل أنتم مدركون لحقيقة دوركم، ومستعدون لتحمل مسؤولياتكم تجاه بلدكم وأهلكم؟
ومما يدركه كل متابع الدور الإيجابي للإعلام بوسائله المختلفة من التثقيف والتعليم ورفع مستوى الوعي لدى المتلقي لإدراك واقعه وحقيقة ما يدور في محيطه القريب والبعيد، كما أنه يمكن أن يساهم بصورة كبيرة جدا في التوجيه إلى اتجاهات جديدة ومفيدة ويفتح آفاق الطموح والأهداف لدى الناس، بالإضافة إلى ما يقوم به من دور في التعارف بين أبناء الوطن بل ومع جميع الناس في مواطنهم وأماكنهم المختلفة مهما تباعدت، ولا شك أنه يساهم وبصورة واضحة في بناء القيم وتعزيزها، وزيادة الألفة وتقوية الروابط الاجتماعية بين الناس.
أخي الإعلامي الناجح، الذي يتابعه العدد الكبير من الناس، هل أنت تعمل من خلال نشاطك الإعلامي على المساهمة في تحقيق هذه النتائج ودعم هذه الإيجابيات؟
ولابد من التذكير بالجوانب السلبية التي يمكن أن يعمل لها الإعلام، سواء من إشغال الناس بالتافه من المواضيع، أو غرس وإشاعة الأفكار والسلوكيات الضارة والمضللة، في كل مناحي الحياة، بالإضافة إلى العمل على تحبيط الناس تجاه مستقبلهم ووطنهم، هذا بالإضافة إلى نشر الفاحشة والجريمة والعنف وغيره من الأمور التي تعمل على عدم استقرار حياة الناس.
هذه فقط إشارات سريعة حول ما يمكن أن يقوم به الإعلام بوسائله المختلفة، وهي تعتمد على الشخص الإعلامي الذي يقوم بالدور سواء كان إيجابيا أو سلبيا، ونحن هنا نناديكم يا أحبابنا ونقول لكم انتبهوا لما تقومون به.
{وَٱتَّقُوا۟ یَوۡمࣰا تُرۡجَعُونَ فِیهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسࣲ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ ٢٨١} (البقرة 278-281)