التدبر القرآني وأثره في التربية(6)
التدبر القرآني وأثره في التربية(6)
أ. محمد العوامي
قال ﷻ: ۞واقصِد في مَشيِكَ واغضُض من صَوتِكَ إنَّ أنكَرَ الأصواتِ لَصَوتُ الحمير۞
يتضح من الآية القرآنية المذكورة توجيهٌ من الله تعالى للإنسان بتحليل سلوكه وتدبره، وذلك من خلال مقاربة تربوية شاملة تشمل مجموعة من الجوانب المهمة في التربية والتنشئة.
القرآن يربيك، يعلمك كيف تعامل الناس بلطف، حتى في طريقة مشيتك ودرجة ارتفاع صوتك عند الحديث!
يُلاحظ من الآية المذكورة في القرآن الكريم توجيه للفرد للتفكير والتأمل في سلوكه وأخلاقه يقول ﷻ:
{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}
تعتبر هذه الآية دليلًا على تعظيم الأخلاق والتواضع في التعامل مع الآخرين.
في هذه الآية يوجه الله للفرد أمورًا مهمة تعكس تأثير القرآن الكريم في التربية والتنشئة. فمن خلال تحليل هذه الآية يمكننا استخلاص عدة مسائل تربوية(*):
الأولى: أمر الله ﷻ الإنسان بتوسيط مشيه، وذلك ليظهر في تصرفاته الوسطية والتوازن بين الإفراط والتفريط. القصد في المشي يعكس أهمية الوسطية والتوازن في الحياة.
الثانية: يُشجع على الحفاظ على هدوء الصوت وعدم رفعه بشكل مبالغ فيه. ذلك يعكس حسن التصرف والتواضع في التواصل مع الآخرين.
الثالثة: تحذير من أن أصوات الحمير تُعد أحد أقبح الأصوات. هذا التنبيه يعزز من تجنب الصوت المفرط والجهير الذي قد يسبب انزعاجًا للآخرين.
الرابعة: الآية تُظهر أهمية تحكيم الصوت وعدم إساءة استخدامه، مشددةً على أن نوعية الصوت تعكس الأخلاق والتربية.
الخامسة: الله ﷻ يوجه إلى تجنب الصياح في وجوه الناس، مما يشجع على الاحترام المتبادل وتهذيب السلوك.
السادسة: تعزز الآية من قيمة التواضع وعدم الغرور بالصوت العالي، وتبيِّن أن جهرية الصوت ليست دليلًا على العزة.
إن هذه الآية تجسِّد توجيهات تربوية مهمة تشجع على التواضع والأخذ بمقدار، وتعليم كيفية التعامل بلطف وأدب مع الآخرين، سواء في مشيهم أو في التحدث. يظهر منها أن القرآن يُرشد إلى تحسين سلوك الإنسان في مختلف جوانب حياته، ويُعزز من قيم التواضع والرقي في التصرفات والأخلاق.
(*) للاستزادة انظر تفسير الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي.