رمضان شاهد على الانتصارات والمآسي
كلمة الأسبوع
عاشت الأمة منذ بعثة النبي محمد ﷺ، وقيام دولة الإسلام في المدينة المنورة، حالات من الانتصارات المجيدة والمآسي المؤلمة عبر تاريخها حتى يومنا هذا، وكانت أعظم انتصاراتها، التي لم تكن تملك فيها من أسباب القوة إلا القليل مقارنة بما كانت عليه قوة العدو من عتاد ورجال وإمكانات مختلفة، وكان عدد منها في شهر رمضان المبارك، ومع ذلك فقد كانت الانتصارات ساحقة لجيش العدو بصورة يعجب لها المتابع والدارس لهذه الانتصارات، ومن باب الذكرى التي تثلج الصدر وتبعث الأمل، فمن المفيد استعراض انتصارات شهر الصيام والقرآن سريعا.
- في 17 رمضان من العام الثاني من الهجرة المشرفة كانت أولى الانتصارات في غزوة بدر الكبرى حيث كان عدد المسلمين نحو 314 رجلا، بينما كان عدد المشركين قرابة ألف رجل.
- في 20 رمضان 9 هـ كان فتح مكة
- رمضان عام 13 هـ موقعة البويب بقيادة المثنى بن حارثة ضد جيش الفرس، حيث كان عدد المسلمين 8 آلاف مقابل 100 ألف من الفرس.
- رمضان 92 هـ كان فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد، حيث كان المسلمون 12 ألفًا بينما كان الفرنجة 100 ألف مقاتل.
- 9 رمضان 583 هـ حصار صور بعد فتح بيت المقدس بقيادة صلاح الدين
- وفي رمضان عام 584 هـ تم تحرير صفد
- 25 رمضان عام 658 هـ كانت موقعة عين جالوت بقيادة سيف الدين قطز ضد التتار، التي تم فيها القضاء على الجيش التتاري تقريبا
- 10 رمضان عام 1393 هـ الموافق 6 أكتوبر 1973م كان تحطيم أسطورة جدار بارليف على يد الجنود المصريين.
وفي وقت آخر مرت الأمة بمآسٍ كبيرة، ولكنها كانت تخرج منها منتصرة عزيزة، ولا يمكن لأمة مرتبطة بالله تعالى وبكتابه أن تنتهي، نعم قد تمرض وتضعف ولكنها ستظل حية وستستعيد قوتها يوما، {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَي اَ۬لذِينَ اَ۟سْتُضْعِفُواْ فِے اِ۬لْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةٗ وَنَجْعَلَهُمُ اُ۬لْوَٰرِثِينَ}.
إن حالة الضعف التي نمر بها، وما يحدث اليوم من حصار وتجويع وقتل لأهلنا في غزة وفلسطين، لا تجعلنا نفقد الأمل في عودة الحياة والقوة إلى جسم الأمة، فإن معظم المعارك التي ذكرناها جاءت بعد مرحلة من الضعف أشد مما نحن فيه اليوم، ومع ذلك فقد استعادت الأمة عافيتها وقوتها وسيادتها في أوقات تكاد تكون قصيرة جدا.
إن مسؤوليتنا اليوم تكمن في إيقاظ أبناء الأمة والوعي بحقيقة الأشياء، وإن المعركة ليست معركة سياسية أو اقتصادية وحسب، وإنما العامل العقدي التلمودي لدى الصهاينة له التأثير الأكبر والحظ الأوفر من إدارة المعركة، وإلا فما الفائدة التي ستحققها أمريكا ودول الغرب من خلال دعمهم للصهاينة، ولا تستطيع تحقيقه من خلال تعاملها مع الحكام العرب لولا العقيدة الصهيونية المتجذرة في الإدارة الغربية بضرورة قيام دولة الكيان، وإخراج الهيكل المزعوم تمهيدا لنزول المخلص في عقيدتهم.
كما أنه من الضروري أن نعلم أن مراعاة سنن الله في التغيير، وضرورة انتشار الوعي بحقيقة الأمور، وتعلق القلوب بالمولى سبحانه، والاعتماد عليه سبحانه، والأخذ بما نستطيع من الأسباب، كلها من الأمور البالغة الأهمية التي يجب الاهتمام بها فيما يتعلق بقضية الأقصى المبارك، وقضية الصراع القائم في كل بلاد العالم، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالإسلام، فقضايا المسلمين متعددة من مسلمي الصين (الإيغور) إلى بورما والمذابح التي أوقعها متطرفو الهنود بهم، وغير ذلك من الحروب التي شنتها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وما يفعله الجيش الروسي في سورية، واليوم نعيش أسوأ شكل من أشكال الإبادة الجماعية من خلال الحصار والتجويع فضلا عن التدمير الذي يقع من قوات الاحتلال الصهيوني في غزة خصوصا، وفي أراضي فلسطين عموما.
كل هذا يقع على مرآى ومسمع من العالم بجميع أشكاله وتنوعاته وأماكنه، وهذا يحملنا مسؤولية عظيمة أمام ضرورة بيان هذه الحقائق والضغط من أجل إيقافها، ولا ننتظر أن يقوم العالم المتحضر الديموقراطي بأي شيء بخصوص أهلنا في غزة والضفة وبيت المقدس.
إن واجبنا ينطلق من التعريف بالقضية سواء على المستوى الشخصي أو في دائرة المحيطين بنا، وكل حسب جهده وقدرته، وكذلك ضرورة مقاطعة منتجات كل البلاد التي تدعم الكيان الصهيوني، وأيضا الدعم المالي، ولنتذكر قول سيدنا عمر رضي الله عنه: (لن يموت الناس على أنصاف بطونهم)، وسلاح الدعاء هو السلاح الذي نعتمد على قوته؛ لأنه مرتبط بالقوي الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، فلنتذكر إخواننا وأخواتنا في هذه الأيام المباركات بالدعاء.
من المهم أن يستمر الضغط على كل المطبعين والمتعاونين مع الكيان المغتصب سواء من بلاد الغرب أو الشرق، ويأتي من خلال سلاحي المقاطعة والمطالبة لدولنا بقطع إمدادات النفط عن تلك الدول المتعاونة مع الصهاينة حتى يرضخوا ويمنعوا العدو من الاستمرار في غوايته وفجوره.
اللهم إنا نسألك انتصارا كانتصار بدر أو أشد، وعفوا يشملنا بالرعاية، ويمدنا بالمدد والعناية، إنك على كل شيء قدير، اللهم ربنا كن لأهلنا في غزة، والطف بهم لطفا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.