عامقضايامقالاتمقالات الرأي

صناعة القادة : سر الوعي بين الماضي والمستقبل نموذج محاولة اغتيال ترامب

د. علي جمعة العبيدي
التوقّع: هو التكهّن بحصول أمور في المستقبل، أحيانا لا يقوم على الخبرة أو المعرفة، وهناك الكثير من التداخل بين التنبؤ والتوقع، وأحيانا تستعملان للدلالة على نفس المعنى، التوقع هو الإدلاء بأحداث يُنتظر حصولها، بينما التنبؤ هو الإدلاء بتوقعات أكثر تحديدا ودقة، ويمكن أن يغطي مجموعة واسعة من النتائج المحتملة.
هل نحن حقاً نسير عبر الزمن أم أن الزمن حالة ذهنية؟ سؤال شغل الفلاسفة لقرون، وازدادت أهميته مع تقدّم العلم وعلم الأعصاب.
يؤكد الفيلسوف أوشو على أن المستقبل والماضي مجرد حالة ذهنية، بينما الحقيقة الوحيدة هي اللحظة الحالية، يشبه الأمر أن ننظر إلى شريط فيلم، حيث نرى الإطارات تتسلسل بشكل متواصل، لكننا في الواقع نرى صورة واحدة في كل لحظة.
وفقا لنظرية أوشو، فإن “الأنا” تتحلل مع تطور الدماغ، وهذا التطور ينقل نشاط الدماغ من نصف الكرة الأيسر المسئول عن التفكير المنطقي والتحليل، إلى نصف الكرة الأيمن المسئول عن الإبداع والحدس، ينتج عن هذا التحول تركيزا أكبر على اللحظة الحالية، وهذا ما يُسمى “الحضور”. ويرى إيكهارت تول أن “الحضور” هو وعي، الوعي بذاته، وهذا يعني أن يصبح الوعي مُدركاً لنفسه ولوجوده.
ولكن كيف يحدث ذلك على مستوى الدماغ؟ يُعتقد أن “الحضور” مرتبط بتفاعل نصفي الكرة المخية، بينما يصعب تخيل أن يكون نصف الكرة الأيسر أو الأيمن واعياً بذاته بشكل منفصل، فمن المنطقي أن يكون كل نصف واعٍ بالآخر (بفضل الجسم الثفني الذي يربطهما) . عندما يصبح كل نصف واعٍ بالآخر، يُصبح الوعي أكثر تكاملاً وتكاملًا، وهذا يُمكن أن يؤدي إلى “الحضور”.
يُعتقد أن إدراك الوقت مرتبط بنصف الكرة الأيسر، حيث يحدد الزمن لحظة بلحظة (مثل ساعة تنظم الوقت). لكن الدراسات الحديثة بدأت تشكك في كون إدراكنا للعالم مستمرًا، واقترحت أنه قد يكون سلسلة من اللقطات المنفصلة تشبه إطارات الفيلم.
اكتشف الباحث الفرنسي روفين فان رولن أن قابلية الدماغ لاستقبال المعلومات البصرية الجديدة مرتبطة بدورة موجات الدماغ، وهذا يعني أن هناك فترات من “الإدراك” و”عدم الإدراك”. يمكن تشبيه ذلك بمصباح يضيء وينهار بسرعة ، ففي أثناء الضوء نستطيع رؤية الضوء، وعندما ينطفئ لا نستطيع رؤية شيء .

هذه الفكرة تتوافق مع فلسفة البوذية، التي ترى أن تيار الوعي يتكون من لحظات متتالية من الإدراك، كل لحظة تركز على حاسة جسدية واحدة أو تفكير واحد، عندما يصبح الانتباه أسرع، تندمج جميع المدخلات في تجربة متماسكة.
يُظهر هذا أن إدراكنا للوقت مرتبط بشكل وثيق بعمل الدماغ، فربما “الحضور” الذي يركز على اللحظة الحالية هو نتيجة لزيادة الترابط بين نصفي الكرة المخية، وقد يكون هذا هو السر الذي يُمكن أن يكشف عن أسرار الوعي و طبيعة الزمن وحالة الحضور هي أن نجعل الشخص الذي أمامنا يشعر بأنه إنسان رائع، ومما يساعد على ذلك تدفق موجات بيتا فهي المستوى الأمثل لنكون أكثر تقبلاً وتركيزًا، وأيضًا لتحسين قدرتنا على حل المشكلات .
فقادة القرن الواحد والعشرين هم الذين يعيشون في عالم مضطرب وفوضوي حيث تأتي القوة الحقيقية من التعرف على أنماط التغيير والاستشعار واغتنام نوافذ الفرص، في هذا النوع من البيئة سيكون بحاجة إلى الكثير من الكفاءات من أجل البقاء عليه.
أتوقع أن يستفيد الفريق الاستشاري للمرشح الرئاسي دونالد ترامب من نموذج القيادة الذكية التي تُشكل رؤية واضحة للمستقبل وتُمكّن الأفراد من الوصول إلى كامل إمكاناتهم، ويُقدم نموذج القيادة الذكية، المُستند إلى نظرية النظام، رؤية شاملة لعملية القيادة، ويُركز على التفاعل المعقد بين القادة والمتابعين والعوامل الخارجية، فيحدد النموذج عشرة عناصر أساسية تُشكل معًا نظامًا متكاملًا، الهدف والرؤية والأهداف المشتركة، القيادة التعاونية، تعدد الأدوار، نشاط المتابعين بحيث يُمكن للمتابعين أن يُقدموا أفكارًا و قيادة أيضًا، مما تُغني عملية التعاون و تُساهم في تحقيق النجاح، والتأثير المُتبادل، تُعد عملية التأثير بمثابة استخدام الإقناع للتأثير على الآخرين، و ذلك من خلال تقديم الحجج المُقنعة و العروض الجذابة، و تعتمد عملية الإقناع على مُختلف موارد القيادة، مثل الهدف، والمكانة، والسلطة، والشخصية، و الكاريزما، و مهارات التواصل، و السمعة، و القدرة على التحفيز.
والتفاعل بين القادة و المتابعين هو عملية ديناميكية متعددة الاتجاهات، تُساهم في تطور الأفكار والمُبادرات، فتُؤثر العديد من العوامل الخارجية على عملية القيادة، مما يُتطلب من القادة أن يكونوا مرنين و قادرين على التكيّف مع التغيرات. والقيادة الذكية تُؤكد على أهمية العمل الجماعي و التعاون بين الأفراد ، مما يُساهم في تحقيق النجاح و التطور .
فلحظة وقوف ترامب بعد الإصابة كمشهد مؤثر ذهني درامي عميق سوف يعزز من الصورة الذهنية الإيجابية، خلاف ما ظهر به بايدن في آخر مناظرة بينهما وهو مشتت الذهن والتركيز فجد ترامب أنه أظهر جدارة وكفاءة عالية على أنه قادر على المهام المُرهقة عقليًا أو جسديًا بشكل فعال و بدون فقدان الفعالية مما زاد الثقة بالنفس الداخلية، والثقة الخارجية بالنفس وقبول الموقف الإيجابي والهيمنة.

د. علي جمعة العبيدي
دبلوماسي ليبي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى