الأركان الأربعة للفلاح.. بين الصبر والتقوى
أ. محمد العوامي
في ضوء الآية الكريمة من سورة آل عمران يُقدم لنا الله سبحانه وتعالى خارطة طريق لتحقيق الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة: {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اصبِروا وَصابِروا وَرابِطوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ}، نجد أن الله سبحانه وتعالى قد رسم لنا خارطة طريق نحو الفلاح والسعادة الأبدية في الدنيا والآخرة، وهذه الخارطة ترتكز على أربعة أركان أساسية.
✔️ الصبر: ركيزة أولى للفلاح، وهو مطيَّةُ السائرين إلى الله والصبر هو القدرة على التحمل والثبات في مواجهة المصاعب والشدائد، وأمرهم بمغالبة أعداء الله بالصبر على شدائد الحرب، كذا قال البيضاوي وابن عاشور في تفسيريهما، وكذا قال الشوكاني ونسبه للجمهور، وقد ذكر ابن كثير في التفسير أن الحسن البصري قال: أمروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه الله لهم وهو الإسلام، فلا يدعوه لسراء ولا لضراء ولا لشدة ولا لرخاء حتى يموتوا مسلمين، وأن يصابروا الأعداء، وقد أشار الله إلى أهمية الصبر في مواضع عدة في القرآن، فهو طريق للرضا والإيمان الحقيقي.
✔️ المصابرة: التحدي المستمر وتتجاوز الصبر لتشمل الجهد المستمر والمتواصل في مواجهة التحديات، أي الملازمة والاستمرار على ذلك، على الدوام، ومقاومة الأعداء في جميع الأحوال، فهي الصبر المتزايد والمستمر الذي لا ينقطع، وهي تتطلب قوة إيمان وتصميم على الاستمرار في الحق بالرغم من كل الصعوبات، فالمصابرة تعني التمسك بالقيم والمبادئ دون تراجع أو استسلام، وهذا ما يميز المجتمعات المؤمنة.
✔️ المرابطة: الثبات والحماية وتعني الاستعداد الدائم واليقظة المستمرة لحماية الدين والقيم الإسلامية. فهي تعني الحضور في المواقع الأمامية للدفاع عن العقيدة والوطن والأمة. والمرابطة في العصر الحديث قد تعني الجهاد بالعلم والعمل والاجتهاد في الإصلاح والتطوير وحماية المكتسبات.
✔️ التقوى: التاج والغاية وهي أن تجعل بينك وبين ما حرم الله وقاية. وهي الغاية التي يسعى لها المؤمن، حيث تكون هي الدافع لكل الأفعال الصالحة والمحفز لكل أركان الفلاح السابقة، التقوى هي الخشية من الله في السر والعلن والعمل بما يرضيه والبعد عما يغضبه.
✔️ إن هذه الأركان الأربعة (الصبر، المصابرة، المرابطة، التقوى) تشكل منظومة متكاملة لتحقيق الفلاح، فبالصبر نتحمل المصاعب، وبالمصابرة نواصل الجهد، وبالمرابطة نحمي ما حققناه، وبالتقوى نوجه كل أعمالنا نحو رضا الله، فتكون النتيجة الفلاح الحقيقي في الدنيا والآخرة.
✔️ يُعدّ هذا الموضوع تذكيرًا بأهمية هذه الأركان في حياتنا، ودعوةً لجعلها أساسًا لأفعالنا وسلوكياتنا، فبتحقيق هذه الأركان، ننال السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.