كلمة لبعض فرق الغلو في استشهاد ( هنية )
أ.د. فضل عبد الله مراد
إن كان فرحه حبا للكفر وحبا في انتصار الكفر على الإسلام وغلبتهم على أهل الإسلام فهذا كفر أكبر
وإن كان فرحه مرضا و نقمة على ( المجاهد هنية )والمقاومة تطبيعا مع أوليائه ورضى بهم وتزلفا
ومسارعة في رضاهم؛ فهذا من الموبقات الكبرى بدليل قوله تعالى في من اتخذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين( فليس من الله في شيء) أي برئ الله منه ولم يعد بينه وبين الله صلة، وهذا دليل أنه من أعظم الموبقات لأنه لا يتبرأ الله منه إلا في أعظم الكبائر الموبقة.
وانظر إلى ما قال الطبري في هذا النص
جامع البيان – ط هجر (5/ 315):
«ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرا وأنصارا، توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء؛ يعني بذلك فقد برئ من الله، وبرئ الله منه بارتداده عن دينه» انتهى
وما تركت هذه الفرقة الغالية الشامتة شيئا إلا ناوؤا به ( هدينة).. حتى دعوا الأمة لعدم صلاة الغائب على الشهيد زاعمين أنه قول المالكية والحنفية.
قلت: سبحان من جعل المذاهب حجة عند هؤلاء وهم أشد من عادها وقبحها وضللها لكنه المزاج والهوى كما هي عادة أهل البدع…
ومثلهم لا يستحقون الرد لأنهم أجهل الأمة فقها وأقل الناس في إخوانهم ورعا وأضلهم عقولا
فهم مرجئة مع المفسدين في الأرض خوارج على أهل السنة والجماعة الأمة.
لكن نجيب عن ذلك تنبيها على فساد قولهم وطويتهم وأنهم ليسوا في وادي الحنفية ولا المالكية
فنقول: إن الحجة في السنن لا في القيل والقال، وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي مما هو ثابت في أعلى درجات الصحة في الصحاح والمسانيد ويكفي في ثبوت السنن مرة واحدة، ولا يشترط ليكون الشيء مشروعا تكراره قليلا أو كثيرا وإلا لرددنا الكثير من السنن والأدلة.
ثم إنهم لما فجعوا بهذه السنة التي هي كالشمس في رابعة النهار أخذت هذه الطائفة الغالية
تتحيل كأصحاب السبت في ردها وصاروا مقلدين مذهبيين وهم أبعد الناس عن المذاهب لا بارك الله فيهم.
وما أبرد قولهم وأسمجه حيث قالوا: إن هذا خاص مقلدين في ذلك بلا حجة ولا دليل، ولو كان فيهم ذرة إنصاف لفعلوا ما فعله ابن العربي وهو مالكي وينقد أصحابه من أهل المذهب نقله عنه الحافظ «وقال بن العربي المالكي قال المالكية ليس ذلك إلا لمحمد قلنا وما عمل به محمد تعمل به أمته يعني لأن الأصل عدم الخصوصية قالوا طويت له الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه قلنا إن ربنا عليه لقادر وإن نبينا لأهل لذلك ولكن لا تقولوا إلا ما رويتم ولا تخترعوا حديثا من عند أنفسكم ولا تحدثوا إلا بالثابتات ودعوا الضعاف فإنها سبيل تلاف إلى ما ليس له تلاف» فتح الباري لابن حجر (3/ 189)
ولكن هؤلاء الغلاة الجفاة لا إنصاف ولا عدل.
ومنها: أنهم اطلعوا الغيب وكشفت لهم الحجب فادعوا أن النجاشي مات ولم يصل عليه أحد في الحبشة لذلك صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا إن نسبوه لرسول الله فهو من تعمد الكذب عليه وهي كبيرة من الكبائر
وإن كان اجتهادا من بعض الأئمة من باب الاحتمال
فهذا لا يصح لأن النص المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم مطلق
غير مقيد فمن قيده فعليه بالدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة لا بمثل هذه الأوهام المختلة والظنون المعتلة.
فإن نسبوه لبعض الكبار كشيخ الاسلام قلنا الكبار على رؤسنا واجتهدوا فأخطاوا فلهم أجر أما أنتم فهو الغل على أهل الاسلام كما أنكم لستم مقلدة ولستم مجتهدين وقد قال حافظ الأمة ابن حجر:
«لم أقف في شيء من الأخبار على أنه لم يصل عليه في بلده أحد» فتح الباري لابن حجر (3/ 188):
ومنها قولهم : إن هناك من مات ولم يصل عليه
وهذا مردود لعدم المعارضة فقد يعمل النبي صلى الله عليه وسلم الفعل لبيان المشروعية ولو مرة واحدة.. فكيف يكون عدم فعله ناسخا أو معارضا فهذا ضرب من الجهالات من هذه النابتة.
فإن قالوا قلدنا الحنفية والمالكية في ذلك وابن تيمية وتلميذه قلنا: هؤلاء على رؤسنا ولا كلام لنا معهم بل موجه لكم، وعليه فالزموا التقليد للحنفية والمالكية، واتركوا الاحتجاج ودعوه لأهله فلستم له أهل ولا بينكم وبينه صلة.وحينها لنا معكم قول آخر.
لكنا نقول هنا كيف قلدتم الآن وقد قلتم فيه قولا عظيما، و كيف تركتم صحيح السنة التي هي كشمس طالعة وقدمتم الرجال على محمد ابن عبد الله الصادق المصدوق فأين نعيقكم المتصل في هذا الأمر فإلى الله المشتكى منكم.
والحاصل: أن هذه الفرقة من فرق المسلمين الضالة
نسأل الله تعالى أن يكفي المسلمين شرهم وأن يرد كيدهم في نحورهم،
أما أقوالهم
فلا قيمة لقولهم في الفقه والفتوى في صدر ولا ورد.
فرحم الله الشهيد وجعله في عليين.
وبقيت مسألة:
هل يصلى على الشهيد الذي قتله الكفار
الجواب: تركه صلى الله عليه وسلم في قتلى أحد ثم صلى عليهم بعد ثمان سنين كما في البخاري.
.
وإيراد البخاري للنصين دليل أن الأمر واسع.
فمن ضيقه من هؤلاء الجهلة ضيق الله عليه كما ضيق على أهل الإسلام وضارهم.
ومع هذا نسأل الله لهم الهداية .