الشقيقتان

أ. محمد خليفة نصر
الدولة الصهيونية لبني إسرائيل والدولة العربية لبني إسماعيل شقيقتان لمولدهما من ذات الرحم وهو الحقبة الاستعمارية. وتواجه الشقيقتان ذات العدو وهو الحركة الإسلامية.
لا خلاف في أن الاستعمار هو القابلة التي استقبلت الدولتان لحظة ميلادهما بعد الحرب العالمية الثانية. ولا خلاف في أن الاستعمار مازال يتعهدهما بالرعاية منذ ميلادهما المشئوم إلى يومنا هذا.
لا غرابة إذًا في أن تقف الدولة الوطنية والدولة الصهيونية في تحالف مصيري ومواجهة صفرية مع المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان. المواجهة في الواقع بين الشقيقتين والحركة الإسلامية لأنهما في تناقض وجودي، وإن غفل الغافلون عن ذلك.
على الجانب الآخر؛ عندما يقول محمد مرسي لن نترك غزة وحدها، وتدعم إيران المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين في نفس الوقت، ثم ينظم اليمن إلى المعركة دون طلب من أحد، فذلك لأن الإسلام لم يمت بعد، ومحاولة القضاء على المقاومة الإسلامية مجرد خطوة من الخطوات الهادفة إلى القضاء عليه.
الغافل عن الحقائق السالف بيانها مشغول بمشاكل أخرى تحوله إلى مغفل يساهم في المجهود الحربي الإسرائيلي وهو لا يشعر. المغفل يحرض على السنة إن كان من الشيعة، وعلى الشيعة إن كان من السنة، وكلاهما يتلقى دعمًا سخيًا من اطراف المواجهة، ويعتقد أنه من الذين يحسنون صنعًا!
هذا المغفل لا يدرك -وأنى له أن يدرك- أن جهده يصب في المجهود الحربي للتحالف العربي-الصهيوني الذي يمول جهوده قصد استضعاف المسلمين لا غير.
وهناك مغفل آخر يشن حربًا على حماس لأنها من الاخوان، وحربًا على جماعة الإخوان لأنها لا تهتم بطول السراويل وشكل اللحية، وتكون بذلك قد ضيعت التوحيد والسنة، وأصبحت من الخوارج، لأنها خرجت على الطاغوت العربي-الصهيوني. هذا النوع من الغفلة الذي يحولنا إلى مغفلين باستمرار يعطي دولة بني اسرائيل أمل في الوجود لمائة سنة أخرى لأن خصوم هذه الدولة يشتغلون بالتدمير الذاتي ويعتقدون أنهم الفرقة الناجية!