اسمعوا مِنا ولا تسمعوا عنّا

الشيخ د. ونيس المبروك
حدثني صديق فقال : من غرائب ما يحدث معي ويتكرر؛أن أغيب عن بعض الناس مِمن جَمعني بهم سابقُ معرفةٍ، وعيشٌ ملح – كما يقال- بل قد أكون أسْديتُ لهم معروفاً معنويا أو ماديا، وعاملتهم بإحسان ، ثم يُقدر الله تعالى اللُقيا بعد انقطاع، والاجتماع بعد غياب؛ فتجده وقد تَجمّدت أطرافُه عند السلام، وتجهّم وجهُه عِند الكلام ! !
أنا أعلم أثر النميمة والغيبة في تقويض الثقة بين الناس
وأتَفَهّم كيف يتفسخ الوِد بسبب اختلاف الرأي، بخاصة في المجتمعات التي تغلب عليها البداوة ،
وأعلم أن ” معادن” الرجال تَتَكَشّف مع مرور الأيام، كما تتكشف معادن الأرض بعوامل التعرية…، وغير ذلك من الأسباب
لكن لا ينبغي للمسلم العاقل أن يَسمع عن الناس ولا يسمع منهم !
وقد عدَّ القرآنُ تركَ التثبت والتبين خِصلة من خصال الفِسق وعلامة على سفاهة العقل .
ثم هب أن مَنْ أبغضته بَعد وِدٍ ؛ قد أساء في حق نفسه، أو أخطأ في حقك.
أليس من كمال المروءة أن تحسن الظن بالإساءة وتلتمس العذر للخطأ ؟
لا شيء يعدل سلامة الصدر، ولا شيء يحلق ” الدين” كالبغضاء ، فما أحوج مجتمعاتنا التي أصاب أنحاءها التفسخ، وتَفنّن بعضُ أهلها في سِقاية البغضاء ، إلى رجال ونساء يرأبون هذا الصدع ، ويصلحون ما أفسد الوُشاة، وينشرون قيم التغافر ويُشيعون بين الناس : الظنَ الحسن والقولَ الحسن والفأل الحسن .
اللهم اجعلنا من الذين ” هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ”.