الصلح والمصالحة والإصلاح.
الشيخ د. ونيس المبروك
الصلح والمصالحة والإصلاح، كلها مفاهيم تشير إلى القيم العظيمة الثابتة التي جاء بها الإسلام،…
وهي وسيلته التي ارتضاها قاعدةً لحل الخلاف وفض النزاع، سواء في قضايا المال أو الأسرة أو المجتمع أو السياسة أو الحرب
أقول قاعدة، لأن هناك استثناءات في حال تعذّر الرجوع إليها
ومن تدّبر القرآنَ الكريم والسنةَ؛ سيجدهما زاخرين بالنصوص في هذا الباب
يكفي أن الحق تبارك وتعالى قال : لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ”
فنَفَى- سبحانه- الخيرَ عن كثير من حديث الناس واستثنى الصدقةَ والمعروف و” الإصلاح بين الناس ”
وقد أقسم الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام عندما جاءه وفد قريش قائلا: “والذي نفسي بيده، لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ” !
وقال قبلها في بدر ” إن يكن في القوم خير [ أي قريش ] فعلى صاحب الجمل الأحمر [ أي عتبة بن ربيعة ] ، ذلك أن عتبة طالب بحقن الدماء قائلا لقومه : ارجعوا واعصبوها برأسي وقولوا جَبُن عتبة !
وقد كانت العرب في الجاهلية، تصف من يجنح للصلح بالجُبن، وكذلك بعض العرب اليوم !
للحرب أوزارٌ وآثار، اكتوينا جميعا بنارها،
وقد وضعت الحرب في ليبيا أوزارها – ولله الحمد والمنة- وأحوج ما تكون الدولة والمجتمع للتذكير بقيمة الصلح والمصالحة، وهو واجب يقع على عاتق الخيرين من العلماء والخطباء والأدباء وكل من له صوت
لاشك أن المشروع لا يأتي بثماره الكاملة إلا من خلال حكومة موحدة ، وقد تسبقه -أو تواكبه- خطة ثقافية واجتماعية وقانونية كاملة، لتحقيق العدالة وجبر الضرر ، …
فلا أقل من فتح الحوار المجتمعي حول هذه القضية، ومناقشة أصولها ووسائلها ، وتذليل صعابها وإشكالاتها ، بخاصة في ظل التغيرات التي تعصف بالمنطقة، والتي لا مكان فيها إلا للقوي المتحد .
اللهم اجمعنا على كلمة سواء، وابدلنا من بعد خوفنا أمنا، واحفظ هذا البلد وسائر بلاد المسلمين من كل سوء