بالله، لا تفخر بشيء.لأن الله لا يحب الفخر ولا يحب الفخور.
د. محمد خليل الزروق
ولأن كل ما يعجبك يوجد ما هو فوقَه، وقال الله في العلم: وفوق كل ذي علم عليم، وقس عليه كل المفاخر، ففوق كل ذي غنى غني، وفوق كل ذي جمال جميل، وفوق كل ذي قوة قوي، وهلم جرا.
ولأن كل ما في الحياة الدنيا إلى اضمحلال، كالنبات تراه ناضرا حسنا معجبا ثم يذوي ويصفر ويكون حطاما تذروه الرياح، وهذا بين يديك مشاهد، لا بقي إنسان ولا مال ولا مُلْك ولا جاه ولا قوة ولا عمران، كل ذلك كان مقهورا بسنة الفناء الذي يدرك كل من عليها.
ولأن الموهوب بلا جهد منك كجمال الجسم والمال الموروث أو المذخور في الأرض ليس موضعا للفخر من أول الأمر.
وأما ما حصلته بجهدك كالعلم والتجارة والجاه فإنما كان لأن الله أقدرك على ذلك، ومكنك منه، ولو لم تتهيأ لك الأسباب من سمع وبصر وفؤاد ومواهب وأقدار كثيرة – ما قدرت على شيء من ذلك، فكل مدرَك هو حاصل شرائطه القدرية، لو تخلف منها شيء ما كان على ما هو عليه.
كل الموارد إلهية، ومنها عقلك، بل مقدار عقلك، ومنها إرادتك، وعزمك وهمتك، ومنها حياتك نفسها، ليس لك من الأمر شيء.
وإنما تحاسب على شيء واحد هو أنك ممكن من الاختيار، أي بتوجيه هذه الموارد إلى وجهة ما، ثم باجتياز الاختبار أو السقوط فيه، فالاختيار هو الاستخلاف، والاختبار هو البلاء بالخير وبالشر فتنة، وإلى الله المصير.