حتى لا يختزلمفهوم النصر
بقلم: د. إدريس أوهنا.
أرى من يقصر “النصر” أو “الانتصار” في تحقيق الغلبة المادية على العدو وقهره، والأمر أوسع من ذلك بكثير؛ فإن للنصر أبعادا وتجليات لا تخفى على الفطن اللبيب، منها تمثيلا لا حصرا:
✓ المقاوم – وهو كل ثابت في أرضه متمسك بحقه مدنيا كان او عسكريا- قتل أو استشهد فقد انتصر -بمقاومته للمعتدي عليه- على نفسه أولا، على ضعفه وجبنه وتقاعسه في أداء واجبه، وهذا نصر عظيم، لا يقوى عليه إلا الصناديد الشرفاء الأحرار، ولا يطيقه الأذلاء الخونة الجبناء العبيد !!
✓ المقاوم وإن قتل أو استشهد فقد نجح في اختبار الامتثال لأمر خالقه بالجهاد في سبيله، والتضحية بالغالي والنفيس للظفر برضوانه، وهذا نصر عظيم !!
✓ المقاوم وإن قتل واستشهد، فقد أحيى بشهادته أمواتا كانوا يحسبون في عداد الأحياء وهم أموات من الكرامة والعزة.. وهذا نصر عظيم !!
✓ المقاوم وإن قتل واستشهد، فقد حرر بشهادته عبيدا، كانوا إلى عهد قريب لا يجرؤون على قول كلمة حق في وجه أسيادهم وعرابيهم، وهذا نصر عظيم !!
✓ المقاوم وإن قتل واستشهد، فقد دخل بسببه أفواج من الكفار في دين الإسلام؛ لما رأوا فيه من ثبات عجيب على الحق، وقدرة خيالية على الصبر والبذل والاحتساب، ما كانت لتكون له لولا دينه، وهذا نصر عظيم !!
✓ المقاوم وإن قتل أو استشهد، فقد انحاز إلى الحق الذي ضحى من أجله خلق كثير، ممن وقعوا ضحية السردية المزيفة لقاتله سنين عددا، وهذا نصر عظيم !!
✓ المقاوم وإن قتل أو استشهد، فقد غير الموازين العالمية في قضيته، ورسم مجرى جديدا للتاريخ، وهذا نصر عظيم !!
✓ المقاوم وإن قتل أو استشهد، فقد وضع لبنة في صرح التحرير الشامل، وبصم بصمة عز وفخر وشرف وحرية وكرامة في طريق الانعتاق من ربقة الاحتلال، وهذا نصر عظيم !!
المقاوم وإن قتل أو استشهد، فقد فاز برضوان ربه، وهذا أعظم نصر يناله كل شهيد حر، فلا نامت أعين الجبناء !!
فرب مقتول منتصر، ورب قاتل مهزوم !!
والنصر آت.