قصيدة: نسيم الروح
قصيدة : نسيم الروح
للشاعر: خالد المغربي
نَسِيمٌ مِنْ بَنَاتِ الرُّوحِ هَبـَّا
عَلَى هَرِمٍ تَخَلَّلَهُ فَشَبـَّا
وأخْمدَ بالصَّبَا الْمُلْتَفِّ شَهْدًا
حَمِيمًا فِي حَشَا الْمِسْكِينِ صُبـَّا
يَمُرُّ كَبَلْسَمٍ عَبِقٍ كأمٍ
رَؤُومٍ تشبعُ الملهوفَ حُبًّا
لَهُ الرُّكْبَانُ سَابِحَةً تُلَبِّي
وَكُلُّ فَتًى وَثِيقِ الْعَهْدِ لَبَّى
إذَا اقْتَدَحتْ بمشرقِهِم عَصُوفٌ
تزاحَمَ غيمُها كالليلِ غَرْبَا
ودَوَّى صِدْقُهَا الأركانَ حَتَّى
تَقَلَّبَتِ الْجِهَاتُ الستُّ رُعْبًا
وَمُستاءٍ يقدّ الصَّمْتَ منها
فَقَالَ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ قَبْلُ، تَبًّا
أنَا فِي التِّيهِ أَرْبَعَةً عُقُودًا
أَخَافَ سَفِينَتِي، إنْ بُحْتُ، غَصْبًا
أَخَافُ جِدَارَ جَارِي وابنَ دَارِي
كمحتضِرٍ إِلَيهِ الْمَوْتُ دَبَّا
فَإنَّ لِمَثِلَي الثاراتِ حَقٌّ
وَحَقٌّ أنْ أَكُونَ اليومَ ذِئْبًا
سَأُقْبِلُ والْمَنِيَّةُ أُخْتُ كَفِّي
تَغُضُّ الطَّرْفَ إِنْ قَارَفْتُ ذَنْبًا
تَجُزُّ بِمِخْلَبِي هَامَ الثَّعَالِي
وَتَنْزِعُ مَا ابْتَنَوْا آلًا وَصَحْبًا
أَنَا شَعْبُ الْكَرِيهَةِ والْمَطَايَا
إِنِ الْتَحَمَتْ أَنَا الْغَضَبُ الْمُخَبَّا
سَيَعْلمُ صَوْلَتِي الْبَاغِي إِذَا مَا
قَضَى بِيَمِينِيَ الْفِرْعَوْنُ نَحْبًا
نُحَاصِرُهُ، وفِي جُعَبِ الْمَجَارِي،
صُفُوفًا لا ترَى فِيهِنَّ نَقْبًا
لقد فَتَكَ الزَّمَانُ بِمُتْرَفِيهِ
فلَمْ يَقِ ظَالِمًا مِنْ سُوءِ عُقْبَى
وَجَاءَ الأَرْبَعِينَ شُبَاطُ غَوْثٍ
فأنبتَ عصفَها المأكولَ قَضْبًا
رَبِيعُ الْعُرْبِ يَنْفُضُ رَاحَتَيْهِ
لِيَمْلَأَ مُقْلَةَ الْحُسَّادِ تُرْبًا
فَسِيرُوا يَا بَنِي الطّوفَانِ وَارْعَوْا
حمانا وازْرَعُوا الأيَّامَ دَأْبَا
مَتَى يَرْفَعْ لِوَاءَ الْعِزِّ حُرٌّ
يَجِدْ مِنْ خَلْفِهِ كَالسَّيْلِ شَعْبًا