كيف تتحقق العدالة واستقامة الحياة في سنن الله تعالى الجارية في خلقه؟
د. علي محمد الصَّلابي
لله تعالى في خلقه سنن وضعها وجعلها جارية على جميع المخلوقات والموجودات، وذلك لكي تستقيم الحياة وتعمر، فلتلك السنن حكم جليلة أهمها ضمان العدالة الإلهية التي تسري على الأفراد أو الجماعات أو الدول بما كسبت أيديهم وجزاءً لأعمالهم الحسنة أو السيئة، ومن حكمها أيضاً حفظ توازن الكون والوجود، وذلك بمنع الغنى المستمر أو القوة الدائمة أو النصر المتكرر لأحد من الخلق مقابل ضعف وزوال وهزيمة غيره دائماً، ففي ذلك فساد الدنيا، وإفساد لغايات الدين والاستخلاف في الأرض.
والسنة الجارية نوعان: سنةٌ متعلقة بالأمورِ الطبيعية، كسنة الله في تعاقب الليل والنهار، والشمس والقمر، فهي تجري وفقَ ناموسٍ محدّدٍ قدَّره الله لها. وسنة متعلقة بدين الله وأمره ونهيه، ووعده ووعيده ، فهي ثابتةً لا تتبدّل، مثل نصره لأوليائه وإهانته لأعدائه، كما أنّه سبحانه وتعالى إذا حكم في الأمور المتمثلة بحكمٍ، فإنّ ذلك لا ينتقض ولا يتبدّل ولا يتحوّل، فهو سبحانه لا يفرّق بين المتماثلين، وإذا وقع تغييرٌ فذلك لعدم التماثل، كما أنّ من سنته التفريقَ بين المختلفين كما دلَّ على ذلك القرآن، قال تعالى: ﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ﴾ [القلم : 35].
ومن هذا الباب صارت قصصُ المتقدّمين عبرةً لنا ، ولولا القياسُ واطراد فعله وسنته لم يصحَّ الاعتبارُ بها، لأنّ الاعتبارَ إنّما يكونُ إذا كان حكمُ الشيء حكمَ نظيره كالأمثال المضروبة في القرآن. فهذه السنن الشرعية إنّما تدرك من خلال النظر في التاريخ، وملاحظة مصائر الأمم، وقيام الحضارات وسقوطها وأسبابُ ذلك. والسنن الربانية تجيءُ في القرآن غيرَ محدّدة ، لكي تشملَ على أكبر قدرٍ من الوقائع ، وتلامسَ أكبرَ عدد من التفاصيل والجزئيات، ومن أهم تلك السنن:
(سنّةُ إناطةِ التغييرِ بالبشر): وتُعتبر هذه من سنن الله سبحانه الخالدة، التي أناطَ بالبشرية مسؤولية رقيّهم وانحطاطهم، ومسؤولية اتباعهم للخير أو الشر، حيث أنّهم مُنِحوا قدراً من الحرية والاختيار، ومع ذلك القدر من الحرية بعث إليهم المولى عزّ وجلّ الرسل، التي جاءتهم بالهداية الربانية، التي فيها خيري الدنيا والآخرة لمن اتبع المرسلين، قال تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى﴾ [طه : 123]. فإذا وجدت أسبابُ الهداية فإنّ النتائجَ تتبعها، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد :11].
لذلك فإنّ التغيير يبدأُ من النفس، سواء بالارتقاء إلى أعلى، أو بالانتكاس والهبوط إلى أسفل، فهي تعتبر النقط الأساسية في تغيير النفس البشرية من الشرّ إلى الخير أو العكس، والبشر في كلتا الحالتين هم المسؤولون مباشرة عن إصلاح أنفسهم، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد :11].
ولقد تعامل رسول الله (ﷺ) مع هذه السنة في تغيير النفوس والمجتمع ، ومن تأمّل هذه الآية الكريمة التي قرّرت حدوثَ التغيير من الله سبحانه مترتباً على حدوثه من النفس البشرية سواء بالسلب أو الإيجاب، وهذا الترتيبُ يضع البشرية أمامَ مفرق طرق، ويربط في أعناقهم مسؤولية عدم إحداث التغيير في النفس البشرية والمجتمعات الإنسانية وفق منهج الله القويم، قال تعالى: ﴿ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ وهذه السنةُ يمكِنُ إدراكها إدراكاً صحيحاً وكلياً إلا باتباع المنهج الرباني، الذي يربط بين السنن والأحداث التاريخية، ويحدد العلاقة السليمة بينهما، حيث إنّ اتباع المنهج الرباني يغطّي خير السنن، ويصرف الصوارف، قال تعالى: ﴿قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدَىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة : 38].
(سنة زوال الأمم بالعلوّ والطغيان): قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ *إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلاَدِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ [الفجر : 6 – 14].
فتأمل في هذه الآيات الكريمة التي تقرّرُ سنةً من سنن الله الربانية التي لا تحابي أحداً من خلقه، إنّها سنةُ زوال الأمم بالترف والفساد، وزوال الأمم بالتجبر والطغيان، وزوال الأمم بالبطر والكبرياء، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء : 16]. أي أمرناهم بالأمر الشرعي من فعل الطاعات، واجتناب المعاصي، فعصوا وفسقوا، وحققوا أسباب الزوال والانهيار، فحقّت عليهم سنةُ الأخذِ والزوال، والتدمير والتنكيل، جزاءَ فسقهم وعصيانهم.
(سنة إهلاك الأمم بالظلم والإجحاف): قال تعالى: ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴾ [الأنبياء:11]. فإذا ما فشى الظلمُ، وعدمُ إقامة العدل في أمة من الأمم، فقد تحقّقت فيهم أسبابُ الهلاك، وحقت عليهم سنةُ الله بالهلاك، ووقعت عليهم القاصمة، لأنَّ الله سبحانه تعالى قد حرّم الظلمَ على نفسه، وجعله بين العباد محرّماً، كما في الحديث القدسي: «يا عبادي إنّي حرّمتُ الظلمَ على نفسي ، وجعلتُه بينكم محرَّماً فلا تظالموا».
فإذا اختلّت الموازينُ، وانعدمتِ القيمُ، وتحكّم الأقوياءُ في رقاب الضعفاء، وقسم المجتمع إلى طبقاتٍ سادة وعبيد، وتلاعبَ السادةُ بحدود الله وأوامره، فقد حقّت عليه سنةُ الله التي لا تحابي أحداً من خلقه، ولن تجدَ لسنّة الله تبديلاً ولا تحويلاً، جاء في الحديث الصحيح قوله (ﷺ): «إنّما هلك الذين مِنْ قبلكم أنّهم كانوا إذا سرَقَ فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرقَ فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ، وايمُ اللهِ، لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمّدٍ سرقتْ لقطعتُ يدَها».
(سنة أجل الأمم): قد يرى الناسُ موجبات العذاب والانهيار قد حلّت بأمة من الأمم، ثم لا يرون زوالها بأنفسهم، لكنَّ عمر الأمم أطولُ من عمر الأفراد، ولا تقع إلا بأجل محدود لابدّ من استيفائه، قال تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف : 34]. وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ * مَا تَسْبَقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ﴾ [الحجر : 4 – 5]. وقال تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف : 59].
(سنةُ الأيام سِجَالٌ بين الناس): فمن رحمة الله سبحانه أنْ جعل مداولةَ الأيام سِجالٌ بين الناس، من شدّةٍ ورخاءٍ، وقوّة وضعف، وعزّ وذلّ، وصحةٍ وسقمٍ ، وغنًى وفقر، امتحاناً لهم حتّى يعلمَ منهم – وهو أعلمُ بما يفعلون – الشاكرين من الجاحدين، والصابرين من الجازعين، والمجاهدين من القاعدين، والمنفقين من الممسكين، قال تعالى: ﴿ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: 14].
(سنة نصر الله للمؤمنين): لقد قضت حكمةُ الله سبحانه وسنته الجارية على استحقاقِ المؤمنين لنصره إذا أتوا بشروطِ هذه السنّة ، ومن هذه الشروط:
أ – الاستقامة على منهج الله، قال تعالى: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا﴾ [الجن: 16].
ب – عدم الإشراك به سبحانه، وتحقيق الإيمان، والعبودية الشاملة، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: 55].
ج – ذكر الله كثيراً، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الأنفال : 45].
فإذا ما حقق المؤمنون شروطَ هذه السنة، كما كان الأمر في عهد داود وسليمان ومحمد عليهم أفضل الصلاة والتسليم، فإنّ نصرَ الله لهم قريب، قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ [غافر :51]. وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد : 7]. وقال تعالى: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم : 47].
(سنة التدافع بين الحق والباطل): وهذه السنةُ من أهم السنن الربانية التي يجب الوقوفُ عندها، وعدمُ نسيانها أو الغفلة عنها، والمتأمِّلُ في دعوةِ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم يلمسُ هذه السنة بوضوحٍ وجلاءٍ، فالنبيُّ (ﷺ) تعامَلَ مع هذه السنة، وظهرت جلياً في الفترة المدنية مع حركة السَّرايا والبعوث والغزوات التي خاضها النبيُّ (ﷺ) ضدَّ المشركين.
وهذه السنّةُ متعلقةٌ تعلّقاً وطيداً بالتمكين لهذا الدين، وقد أشار الله تعالى إليها في كتابه العزيز، وجاء التنصيصُ عليها في قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة : 251]. وفي قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج :40].
ونلاحظ في آية البقرة أنّها جاءت بعد ذكر نموذج من نماذج الصراع بين الحق والباطل، المتمثّل هنا في طالوت وجنوده المؤمنين، وجالوت وأتباعه، ويذيِّل الله تعالى الآية بقوله: ﴿ َلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة : 251] مما يفيد أنَّ دفعَ الفسادِ بهذا الطريق إنعامٌ يعمُّ الناسَ كلَّهم.
وتأتي آيةُ الحجِّ بعد إعلان الله تعالى أنه يدافع عن أوليائه المؤمنين، وبعد إذنه لهم سبحانه بقتال عدوِّهم، ويختتم الآية بتقريرٍ لقاعدة أساسية: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
لقد أدرك الصحابةُ هذه السنة، وعلموا أنَّ القضاء على الباطل وتدميره، لابدّ له من أمةٍ لها قيادة ومنهج، وقوة تدمغ الباطل وتزهقه، وأيقنوا أنَّ الحقَّ يحتاجُ إلى عزائم تنهضُ به، وسواعد تمضي به، وقلوب تحنو عليه، وأعصابٌ ترتبط به، لقد علّمهم النبيُّ (ﷺ) كيف يتعاملون مع هذه السنة، فاستجابوا لأمرِ الله تعالى عندما أمرهم بالجهادِ في سبيله، فقد شرع الله عز وجل الجهادَ لهذه الأمة، وجعله فريضةً ماضيةً إلى يوم القيامة، لا يبطله جورُ جائرٍ، ولا عدلُ عادلٍ، وما تركه قومٌ إلا أذلهم الله، وسلّط عليهم عدوَّهم، وقد شرع الله عز وجل الجهادَ على مراحل ليكونَ أروض للنفس وأكثرَ ملاءمةً للطبع البشري، وأحسنَ موافقةً لسير الدعوة وطريقة تخطيطها.
إن معرفة السنن الربانية تفرضُ على الجماعة الواعية المدركة والملتزمة أن تتجاوزَ مواقع الخطأ التي قادت الجماعات البشرية السابقة إلى الدمار والهلاك، وأن تحسنَ التعامل مع تلك السنن، ومع قوى الكون، مستمِدّةً ذلك من منهج الله الذي سار عليه أنبياؤه ورسله صلوات الله وسلامه عليهم. والتاريخُ بما يحتوي من الحوادث المتشابهة، والمواقف المتماثلة، يساعد على كشف هذه السنن التي هي غايةٌ في الدقة والعدل والثبات.
وفي إدراكنا للسنن الربانية فوائدُ عظيمة، حتى لو لم نقدر على تفادي حدوثها والنجاة منها، حيث يعطينا هذا الإدراكُ والمعرفةُ صلابةً في الموقف، بخلاف من يجهل مصدر الأحداث، فإنّ الذي يعلمُ تكونُ لديه بصيرةٌ وطمأنينة، أما الذي يجهل فليس لديه إلا الحَيْرَة والخوف والقلق.
المراجع:
1. علي محمد الصلابي، الإيمان بالرسل والرسالات، ط1، دار المعرفة، بيروت، 2011، ص 261-276.
2. محمد بن صامل السلمي، منهج كتابة التاريخ الإسلامي وتدريسه، ط1، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، المنصورة، 1988، ص 64-65-69.
3. محمد فخر الدين الرازي، تفسير الفخر الرازي، ط1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1981، (3/514).