مونديال قطر وقضايا الأمة
بسم الله الرحمن الرحيم
عاش العالم، خلال الثلث الأخير من شهر نوفمبر إلى يوم الـ18 من ديسمبر، حدثا تابعه الكثير، واهتم به الصغير والكبير، في كل بلاد العالم؛ ألا وهو مونديال كأس العالم الذي استضافته قطر، وأحسنت الاستعداد لجعله ناجحا ومتميزا، بل وجعلته موسما سياحيا واقتصاديا ودعويا، وأظهرت فيه خصوصيتها، وألزمت الجميع بقيمها الاجتماعية والدينية.
ولعله من المفيد أن نستعرض بعضا من القضايا التي ظهرت على السطح من خلال متابعة هذا الحدث الكروي الدولي الذي يهتم به الكثيرون، وتصرف من أجله الملايين بل المليارات، يمكن أن نجملها فيما يلي:
1) الاستفادة الكبيرة التي جنتها الدولة المنظمة لهذا الحدث في عدد من المجالات، من أهمها البنية التحتية التي تم إعدادها في هذا الإطار، وهي عمل لا شك باق لهذه الدولة، وسيستفيد منه المواطن والمقيم والزائر في كل الأوقات، كذلك الخبرة التنظيمية التي تم اكتسابها، وبالتالي يمكن لهذه الدولة الصغيرة حجما أن تنظم وتستضيف الكثير من الفعاليات الدولية المختلفة، بالإضافة إلى الثقة التي اكتسبتها قطر والسمعة الطيبة التي حققتها على مستوى العلاقة مع الشعوب فضلا عن الدول.
2) أثبت هذا الحدث وهذا التنظيم أنه بالإمكان استضافة وتوفير كل وسائل المتعة والراحة دون الإخلال بالقيم الدينية والمجتمعية للدولة المنظمة، وزالت نهائيا تلك الحجة بضرورة توفير المحرمات للسواح؛ لكي يأتوا لبلاد المسلمين، بل والأروع من ذلك الإعجاب الذي أبداه الكثير من الزوار غير المسلمين بصوت الأذان ردا على من يقول: إن الأذان يمثل صورة مزعجة للسائح وينفر الناس من زيارة بلاد المسلمين.
3) استغلال هذا الحدث في نشر والتعريف بقيم المجتمع الدينية والاجتماعية، واستعمال كل الوسائل وتوظيف كل الطاقات المحلية والعالمية لهذا الغرض، وإعطاء الصورة المثلى عن الإسلام والمجتمعات العربية والإسلامية، كل هذا يعتبر كسبا كبيرا للعرب والمسلمين؛ حققه هذا المونديال وهذا التوظيف الجيد.
4) لقد أثبت هذا المونديال لحمة وارتباط العالمين العربي والإسلامي من خلال التشجيع الذي منحه المشجعون للفرق العربية والإسلامية المشتركة بالمونديال دون اعتبار للعلاقات بين دول تلك الشعوب، وهذا يدل على أن الرابطة الإسلامية قوية في نفوس الناس وتحتاج فقط إلى القليل من الجهد وتوفير المناخ للتعبير عنها.
5) فضح هذا المونديال وخاصة بعد استضافته من دولة عربية مسلمة، فضح الممارسات الغربية التي تكيل بمكيالين في هجومها غير المبرر على الدولة المنظمة والعمل على إفشال هذا العرس الدولي الكبير، وخاصة بعد ما رأوه من حسن استعداد وتنظيم وتوفير كل الاحتياجات لنجاح هذا المونديال، وظهر حجم العداء للعرب والمسلمين واعتبارهم أنهم ليسوا أهلا لتنظيم مثل هذا الحفل الكبير، وهذا ينبهنا إلى ضرورة معرفة ما يواجهنا من أعدائنا وما يتمنونه لنا ﴿وَدُّوا۟ لَوۡ تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا۟ فَتَكُونُونَ سَوَاۤءࣰۖ ﴾ و﴿مَّا یَوَدُّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِینَ أَن یُنَزَّلَ عَلَیۡكُم مِّنۡ خَیۡرࣲ مِّن رَّبِّكُمۡۚ﴾، كما أنه من المفيد أن نظهر تمسكنا وفخرنا بديننا ومعتقدنا وندعو الناس إليه دون خوف أو وجل، فنحن نملك خيرا كثيرا والله تعالى أمرنا بإيصاله إلى الناس بأفضل الوسائل وأحسن السبل ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلࣰا مِّمَّن دَعَاۤ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا وَقَالَ إِنَّنِی مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِینَ﴾.