مجدد القرن
بقلم: د. إدريس أوهنا.
جاء “طوفان الأقصى” المبارك بعد مرور مائة سنة بالضبط على سقوط الإمبراطورية العثمانية، وثبت في السنة أن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها، وإنا لنرى اليوم ببصائرنا وأبصارنا كيف أطلق “طوفان الأقصى” شرارة التجديد لتدين الأمة، ولوعي العالم بأسره.
إنها لعمري مرحلة تحول وانتقال، لا أقول من حال إلى حال، بل من أحوال إلى أحوال:
– من حال وعي مزيف بالقضية الفلسطينية عند كثيرين ممن شربوا دجل وكذب وزيف الإعلام الصهيوني، إلى حال يقظة وتنبه وإدراك ، طبقت شهرته الآفاق وحارت في وصف تألقه وتميزه وسائل الإعلام!!
– من حال انبهار بالحضارة الغربية، وسكرة بدعاياتها المعسولة وشعاراتها البراقة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، إلى حال الوعي بنفاق هذه (الحضارة) وهمجيتها ووحشيتها وعنصريتها !!
– من حال التنقيص من الفعل المقاوم وبخسه وازدرائه، والحكم عليه بالعبثية، إلى حال الدهشة والاعتراف ببطولاته وقدرته على الدفع والردع وتهديد العدو في وجوده وليس فقط في جنوده !!
– من حال الهرولة نحو التطبيع، والتفسيخ، إلى استعمال الفرامل، والتقليل من السرعة إلى أقصى حد ممكن، انحناء للعاصفة !!
– من حال تجريم “معاداة السامية” وعبادة هذا الوثن أو العجل الجديد الذي لا خوار له، إلى التحلي بالشجاعة في كسر الصنم المزعوم والتمرد على الوصف الموهوم !!
– من حال الشعور بالدونية والمغلوبية والعجز والقهر والذل، إلى حال الشعور بالعزة والكرامة والشرف والقدرة على النصر والتحرير ورد الاعتبار !!
– من حال الأنظمة الجبرية المساومة الظالمة، إلى استشراف خلافة جديدة راشدة !!
– من حال شطب مفهوم “الجهاد” من قاموس التعبير الكتابي والشفهي، التعليمي والسياسي والاجتماعي، إلى حال إحياء هذه الشعيرة العظيمة التي هي ذروة سنام الإسلام، وسر عزة المسلمين !!
– من حال الخجل من إعلان الانتماء إلى الصف الإسلامي عند من يخجلون من ذلك، وليسوا بقليل، إلى حال الشعور بالفخر والاعتزاز بهذا الانتماء !!
– من حال التمركز حول الذات، والاهتمام بالمصالح الضيقة، إلى حال الاهتمام بقضايا الأمة الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية !!
– من حال الاستسلام لجواذب الدنيا الفانية، والخوف من الأنظمة الاستبدادية، إلى حال الاستعداد للبذل والتضحية !!
– من حال الشعور المقيت عند كثيرين باليأس من التحرير، والاستسلام للقهر المحتوم، إلى الشعور بإمكانية النصر، بل بقدومه، والتصديق بموعود الشرع بتحرير القدس وفلسطين من الوجود الصهيوني، وأنه قادم لا محالة، وقد بدأ بالفعل!!
أليس “طوفان الأقصى” بأهله وصانعي أحداثه وملاحمه، وفق ما ذكرناه، وهو قليل من كثير ما أجراه الله على يده من بركاته وفيوضاته، مجدد أمر دين الأمة في هذا القرن، بل مجدد وعي العالم، ومغير مجرى التاريخ أحب من أحب وكره من كره ؟!
فاللهم لك الحمد.