رثاء الأستاذ عصام العطار .. الريح المرسلة بالخير
بقلم أ.د. عصام أحمد البشير
وأخيرا انطفأت الومضة، وأغطش الليل، وهوي الكوكب الساطع، وارتحل الشيخ أبو أيمن عصام العطار، القامة السامقة، والقلعة الشامخة، والقائد الفذ، والمفكر المسدد، والخطيب المفوه، والشاعر الأديب، والداعية الموهوب علي حكمة وبصيرة، والمجاهد المثابر والصابر المحتسب، صاحب العقل الراجح، والهمة المتوثبة، والقدوة الصالحة، والخلق الرفيع، موطأ الاكناف، خفيض الجناح، كريم العطاء، صافي النفس، نقي السريرة، مهذب العبارة، باسم الثغر، هادئ الطبع، سمح السجية، يألف ويؤلف.
كان الاستاذ أبو أيمن امتدادا لجيل العظماء من قادة العمل الإسلامي المعاصر؛ حيث وضع بصماتٍ مباركةً لاتخطئها عين فاحصة، وترك،أثرا مفعمًا بالحيوية في أجيال متعاقبة، وكان مرفوع الرأس، عالي الهامة، لم ينحنِ لطاغية، بل صدع بالحق، ولقي في ذلك من عنت الغربة المتوحشة واستهداف زوجته الشهيدة أم أيمن، فما لانت له قناة، ولا وهنت له عزيمة، بل واصل المسير، وواجه المصير في جد وعزيمة وفضل ومثابرة .
جسد نموذجا نادرا من الوفاء لزوجته وأسرته، وخلف في ذلك ميراثا من النثر والنظم، وكان مترفعا عن الخلاف، منصفا لمخالفيه، يبسط يده لكل حوار هادئ وتعاون علي البر والتقوي، ثاويا يحمل هموم أمته ودعوته في سعي منبسط وأمل فسيح:
ياشام ياشام يا أرض المحبينا … هان الوفاء وما هان الوفا فينا
نحيا علي البعد أشواقا مؤرقة …. لا الوصل يدنو ولا الأيام تسلينا
إنا حملناك في الأضلاع عاطفة …. وصورة من فتون الحسن تسبينا.
إن موت الأكياس الأطهار هو نقص للأرض من أطرافها:
عفاء علي دار رحلت لغيرها… فليس بها للصالحين معرج.
كدأب علي في المواطن قبله …..أبي حسن والغصن من حيث يخرج
ألا رحم الله حبيبنا الغالي وأستاذنا الأثير أبا أيمن وأسكنه فسيح جناته وتقبله في الصالحين وأنزله منازل الأبرار، وأخلفه وذريته هادية وأيمن وأصحابه وتلامذته ودعوته ومحبيه والأمة خيرا، وإنا لله وانا إليه راجعون.