مقالاتمقالات تربوية

كيف تغرس المسؤولية لدى الطفل

 الشيخ علي الطنطاوي

كثيرا ما تطغى مشاعر الرأفة و الحب على تصرفات الأبوين، فيبذلا لأبناءهما المشاعر و العون أكثر مما يجب ، فينشأ الطفل و قد تعود أن يكون هناك دائما من ينجز له واجباته ، فإذا غاب عنه هذا المعاون بحث عن غيره وبحث عن راحته عند الآخرين بغض النظر عن مسئولياته و واجباته.

ونسمع لهذا المعنى من فضيلة الشيخ علي الطنطاوي وهو يغوص في عمق التربية ويقول رحمه الله:

بعد الشّدَّة التي تربينا نحن عليها، صرنا نخاف على أبنائنا من تأثيرات القسوة،

وبتنا نخشى عليهم حتى من العوارض الطبيعية كالجوع والنعاس؛

فنطعمهم زيادة، ونتركهم كسالى نائمين، ولا نوقظهم للصلاة،

ولا نُحملهم المسؤولية شفقة عليهم، ونقوم بكل الأعمال عنهم، ونحضر لوازمهم، ونهيئ سبل الراحة لهم، ونقلل نومنا لنوقظهم ليدرسوا…

فأي تربية هذه؟

ما ذنبنا نحن لنحمل مسؤوليتنا ومسؤوليتهم؟؟

– ألسنا بشراً مثلهم؟

– ولنا قدرات وطاقات محدودة؟

– إننا نربي أبناءنا على الإتكالية، وفوقها على الأنانية،

إذ ليس من العدل قيام الأم بواجبات الأبناء جميعاً وهم قعود ينظرون!

فلكل نصيب من المسؤولية، والله جعل أبناءنا عزوة لنا، وأمرهم بالإحسان إلينا، فعكسنا الامر …

وصرنا نحن الذين نبرهم ونستعطفهم ليرضوا عنا!

ولأن دلالنا للأبناء زاد عن حده، انقلب إلى ضده؛

وباتوا لا يقدرون ولا يمتنون ويطلبون المزيد!

فهذه التربية تُفقد الابن الإحساس بالآخرين (ومنهم أمه وأبوه)،

ولن يجد بأساً بالراحة على حساب سهرهم وتعبهم.

وإني أتساءل:

ما المشكلة لو تحمل صغيرك المسؤولية؟

ماذا لو عمل وأنجز، وشعر بالمعاناة وتألم؟

فالدنيا دار كد وكدر ولا مفر من الشقاء فيها ليفوز وينجح،

والأم الحكيمة تترك صغيرها ليتحمل بعض مشاقها،

وتعينه بتوجيهاتها، وتسنده بعواطفها،

فيشتد عوده ويصبح قادرا على مواجهة مسؤولياته وحده.

حمّلوا أبناءكم المسئولية وأخرجوا منهم رجالا يعتمدون على أنفسهم، يحملون ولا يٌحملون..

Related Articles

Back to top button