مقالاتمقالات فكرية

جولة خاسرة في معركتنا مع المستعمر

الاستاذ : عبدالله الشلماني

فكرة ابتكار لغة عربية سهلة و حديثة للصحافة و التعليم في بدايات القرن العشرين اخترعها أذناب المستعمر و عبيد الفكر الغربي و انساق وراءها مع الأسف كثير من مشاهير المشايخ و العلماء ربما “بحسن نية” .. و لعلنا نلاحظ أن غالبية من أسسوا للصحافة في مصر و لبنان وبقية العالم العربي منذ أواخر القرن التاسع عشر فصاعداً هم من متطرفي المسيحيين بالشام و مصر ، مما يطرح أمامنا علامات استفهام كبيرة ..
من الواضح أن الغرض الأساسي كان هو “فك الارتباط” بين الأجيال اللاحقة وبين كتب و مصادر و مراجع التراث الأدبي و التاريخي و الفقهي للأمة بحيث يصعب على هذه الأجيال قراءتها و فهمها مع مرور الزمان .. و هو ما نجده اليوم واقعاً معاشاً عندما يعجز خريجوا الجامعات بل وحتى حملة الماجستير والدكتوراه في عالمنا العربي عن المطالعة في المصادر القديمة بحجة استغلاقها و صعوبة لغتها ..
بل و الأدهى و الأمر أنه بدأت تظهر منذ فترة ظاهرة مرعبة أخرى أشد وبالاً على اللغة من كل ما سبق ، وهي إذاعة النشرات -ناهيك عن المسلسلات و الأفلام والبرامج- في بعض القنوات التلفزيونية الفضائية في العالم العربي “باللهجات المحلية” اللبنانية و الخليجية و التونسية و و و الخ !! ..
أما في تركيا فقد انقطعت العلاقة تماماً بين الجيل الجديد هناك و بين تراثهم الفكري القديم لأن [أتاتورك] -ولنفس السبب- لم يكتفِ بابتكار لغة سهلة فحسب ، بل غير الحرف التركي تماماً إلى الحرف اللاتيني فأصبح ميراث قرون كاملة من المعارف و العلوم مجرد مقتنيات و نصوص أثرية مبهمة على أرفف المتاحف ..
قد يقول قائل أن اللغات تتطور مع الزمن و مثال ذلك أن الانجليز لا يستطيعون قراءة أعمال و مسرحيات “شيكسبير” اليوم إلا بصعوبة ، فلماذا لا نجد أحداً منهم يتهم الآخرين بالمؤامرة على لغتهم كما نفعل نحن؟
و أنا أقول هنا جواباً على ذلك بأن التطور موجود نعم ، ولكن السؤال يجب أن يكون كالتالي :
لماذا برأيكم ظلت اللغة العربية مفهومة لأهلها على امتداد 13 قرناً -رغم أنها تتطور و لا شك كغيرها من اللغات- و لم تستغلق عليهم أو تصعب قراءتها إلا مع بداية حقبة الاستعمار الحديث؟

هنا بيت القصيد ..
و هنا مربط الفرس ..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى