عامقضايامقالاتمقالات الرأيمقالات تربوية

إذا اجتمع عيد وجمعة، كيف نحقق مقصد الوفاق وندفع دواعي الشقاق؟

كتبه: د. ونيس المبروك

الأمين المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 سيجتمع في عيدنا هذا عيدان؛ الجمعة والأضحى، وللأضحى صلاة سنة مخصوصة وللجمعة صلاة فريضة مخصوصة، ودون الخوض والجدال في تفاصيل الأقوال وأدلتها التي صارت في متناول جميع الناس،،

أقول وأنصح كل من يقرأ كلامي في كل بلد ساد فيه مذهب مستقر من مذاهب الأئمة الأعلام:

1- من كان لديه حرج شديد، كأن يكون في منطقة تبعد عن إقامة الجمعة، أو كان مسافرا، أو لديه أي حرج طارئ، فيمكن أن يكتفي بصلاة العيد على أن يصلى فريضة الظهر إذا حان وقتها، تامة إن كان مقيما وقصرا إن كان مسافرا، وهذا ما ثبت في الكتاب العزيز من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا اِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، وهذا الأمر عام، ولا دليل على تخصيصه، وقد استثنى النبي صلى الله عليه وسلم، الوافدين من أهل القرى بقوله : أيها الناس! إنكم قد أصبتم خيرًا، فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد، فإنا مجمعون. فثبت بقوله [إنا مجمعون] أي سنقيم الجمعة وأما ترخيصه بقوله: فمن شاء! فقد فهمه الصحابة الكرام وجل علماء المذاهب والأمصار أنه رخصة لأهل العوالي قريب المدينة وأهل النجوع والقرى، ودل على ذلك فعل الخليفة الراشد عثمان بن عفان وإقرار الصحابة له، عندما أذن لأهل العوالي والبوادي والقرى أن يكتفوا بالعيد ويعودا إلى أماكنهم دون انتظار الجمعة في المدينة حيث خطب وقال يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له”.

2- ليس من الفقه في شيءٍ، أن يفتي الرجل بما يشوش على جمهور المسلمين بخاصة في عباداتهم الجماعية التي أخذت طابعا اجتماعيا وعرفا ساريا، ليس من الفقه تكلف ذلك، بل “قد” يجر صاحبه إلى في القلوب وضيق أفق في العقول، طلبا للشهرة، وإثارة للحيرة، وإرضاء لشهوة التميز بالمخالفة، بل قد تكون بعض هذه الممارسات -قصد صاحبها أم لم يقصد- تغذية للمشاريع الوافدة التي تهدف إلى بث الفرقة الدينية بين وما ترتَب على ذلك من اغتيال للعلماء وتسفيه لعلومهم وهجر للدعاة وتشويه لسيرتهم.

3- أنصح الشباب أن لا يقوموا بخلط مسائل الفروع بمنطق العقائد والفرق والطوائف،..! لأن للفروع طبيعة ومدركات تؤدي للاختلاف المشروع والتنوع الممدوح، ولا يضيق بالتنوع إلا ضيق الصدر سقيم الفكر، أما مسائل العقائد فلها طبيعة ومُدركات أخرى، وفيها أصول ثوابتٌ رواسي، لا يصح حولها الخلاف والاختلاف وبها فروع ظنية الدلالة أو الثبوت يختلف حولها الناس منذ زمن الصحابة الكرام،

ومعاملة الفروع بمنطق العقائد من أعظم أبواب الغلو والتنطع والانحراف الذي حذّر منه العلماء، ومن علامات أصحاب هذا السلوك معاملة المخالِف في الفروع معاملة المبتدع والمنحرف وهاجر السنة!! وما يستوجبه ذلك -عندهم- من غِلظة وهجر وعداوة وبغضاء، هذا والله من الضلال المتفق عليه، الذي حذر منه الكتاب والسنة والسلف الصالحون.

المسلم الصادق لا يستكبر على النصح إذا لاح دليله، ولكل وجهة هو موليها.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى