عاممقالاتمقالات الرأيمقالات تربوية

تنبيه الأماجد بفقه الدلالات في آية القواعد

أ.د. فضل عبد الله مراد

اثنتا عشرة مسألة في آية القواعد ومستجداتها المعاصرة ..

{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [النور: 60]

المسألة الأولى : القواعد من النساء لم يترك الله بيانها بالمزاج أو التخرص أوالاجتهاد بل نص هو على مراده فقال
اللاتي لا يرجون نكاحا ..
فهذا قيد ، مقيد موضح مبين مفسر لمعنى القواعد من النساء
فكل امرأة بلغت من الكبر والسن الذي لا ترجو معه النكاح وهو الكبر فوق الستين فهي من القواعد..
وتنقسم النساء من حيث من ترجو النكاح أو لا ترجوه إلى ثلاثة أقسام
الأول: من ترجوه قطعا حسب العادة الجارية في الخلق وهذه من سن البلوغ إلى سن الخمسين
فإن كل امرأة ترجو النكاح في هذا السن وتطلبه
النوع الثاني : من لا ترجو النكاح قطعا لأن السن قد أقعدها
فصارت من القواعد وانقطع الرجاء لديها أن تنكح وهذه في سن الهرم وهي في الثامنين والسبعين
فهذه قطعا من القواعد فهي داخلة في الآية أما من الستين إلى السبعين فنادر أن ترجو المرأة النكاح لذلك تدخل في القواعد لأنه لا عبرة بالنادر …
النوع الثالث: من ترجو النكاح طبعا لكن ليس على وجه الغلبة وهي ما بعد الخمسين إلى قبل الستين
فهذه يمكن أن ترجو النكاح لذلك في هذا السن تتزوج نساء كثيرات جدا فدل على أن قيد لا يرجون نكاحا لا يشمل هذه الفئة لأنهن لا زلن يرجون نكاحا وترغب في الرجال فلسن من القواعد.
الثانية : كلمة قواعد في لغة العرب كما قال أهل القواميس من انقطع عندها الحيض والرغبة في النكاح وزاد بعضهم والولد
فهذه ثلاثة قيود ذكرها أهل قواميس اللغة كالفيروز وابن فارس وغيرهما

فتوافق ما في كتب اللغة مع القيد الذي ذكره الله في القرآن
فأي قول غير هذا فهو باطل لا قيمة له
الثالثة: أن المرأة في سن الأربعين أرجى ما تكون للزواج فلا تدخل في القواعد لا في دلالة النص ولا في اللغة ولا العرف البشري كافة
ولا يقول عاقل على وجه الأرض إن المرأة في الأربعين لا ترجو نكاحا..
الرابعة: أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة
الإضافة في ثيابهن يفهم منها ثياب المرأة المسلمة وهو اللباس المعروف وفوقه الجلباب والخمار
فأي الثياب تضع من هذه ؟
فإما أن نقول بالعموم وهذا باطل لاقتضائه أن تمشي عريانة ولم يقل بهذا أحد من أهل الإسلام
فلم يبق سوى وضع الجلباب فتعين قطعا

وهل يجوز لها وضع خمارها وكشف شعرها لم يقل بهذا أحد من الصحابة وهم أهل اللغة واللسان
ولكن القيد الآخر في الآية وهو (غير متبرجات بزينة)
يبين اشتراط عدم إظهار زينة والتبرج هو الظهور
ولا شك أن من أهم زينة المرأة شعرها وهذا معلوم فطرة وعرفا
في جميع الأمم وهل يقبل الرجل أن يتزوج امرأة صلعاء
وما ذلك إلا لنقص أساسي في زينة المرأة من ناحية الطبيعة الأنثوية
وعلى هذا فشعر المرأة من زينتها لا ينكر هذا إلا مكابر بالباطل
ولم أقل إلا جاهل لأن الجاهل يعلم فطرة أن شعر المرأة من أجمل زينتها
لذلك لم يختلف الصحابة وهم أرباب اللغة والعربية في أن شعر المرأة من الزينة التي يشملها قوله تعالى (ولا يبدين زينتهن)
ولم يستثنها أحد من الصحابة من قوله تعالى ( إلا ما ظهر منها )
لذلك فقوله تعالى في آية القواعد ( غير متبرجات بزينة ) يفيد منع التبرج بأي زينة وشعر المرأة من زينتها بلا شك .
فإن قيل شعر العجوز الكبيرة ليس من الزينة الملفتة.
فالجواب أن الله قال (غير متبرجات بزينة) بالتنكير يعني أي زينة فهي نكرة مطلقة فمهما بقي فيها أي زينة حرم إبداؤها. وسيأتي مزيد بيان عن تنكير كلمة زينة
هذا هو ما يفهمه أهل اللغة العربية واللسان الفصيح
وما يفهم من دلالات النص المنطوقة والمفهومة
ولهذا لم يعلم عن أحد من الصحابة أهل اللغة واللسان القول بأن لها وضع الخمار وكشف شعرها لأن النص لم يدل عليه لا منطوقا ولا مفهوما بل دل على خلافه ..
الرابعة : تبين من هذا أن القواعد في اللغة والنص القرآني كل من انقطع حيضها وانجابها ورجاؤها في الزواج وهذه لا تكون إلا في سن متأخريبدأ بما فوق الستين
خامسا: بالنظر إلى لفظة القواعد نفسها وتركيبها اللفظي تعطي مفهوما أن هذه المرأة أقعدها السن
فلا يقال هذه المرأة من القواعد إلا لمن أقعدها الكبر والسن
وفي لسان العرب (3/ 361)
القواعد: جمع قاعد وهي المرأة الكبيرة المسنة، هكذا يقال بغير هاء أي أنها ذات قعود
أما من لم يقعدها السن والكبر فليست من القواعد فلا يشملها اللفظ.
الخامسة : قوله تعالى : لا يرجون
ماهو الرجاء في لغة العرب؟
هو الطمع في الشيء
فمن طمع في الحصول على الشيء يكون راجيا له ونقيضه اليأس كما قال أهل اللغة كالخليل وغيره العين (6/ 176)
الرجاء، ممدود: نقيض اليأس
ومن أيس من الحصول على الشيء فقد انقطع انقطاعا نهائيا أمله فيه فلم يعد يرجوه ولايؤمله ولايطمع فيه
وبهذا المعنى اللغوي الدقيق للفظة القرآنية يتبين أن النساء القواعد اللاتي لا يرجون نكاحا هن من بلغن في السن حتى قطعن الأمل والرجاء والطمع وبلغن اليأس من النكاح
ولا تبلغ المرأة ذلك إلا في سن الشيخوخة والهرم من الثمانين فما فوقها قطعا ومن الستين إلى السبعين كذلك لأن من ترغب حينها في النكاح نادر ولا حكم له
فتبين أن القواعد المقصودة في الآية من بلغت الستين إلى السبعين إلى الثمانيين
وتبين أن من كانت في الخمسينات ليست من القواعد لأنه لم يقعدها السن ولم تقطع الرجاء من الزواج فكثيرات من النساء جدا من يتزوجن ويطمعن في هذا السن

وتبين أن من كانت في الأربعينات ليست من القواعد قطعا لا لغة ولا عرفا ولا نصا ولا فطرة
بل هي في ريعان شبابها ..
السادسة: أعاد الرجاء الى النساء لأنهن أعلم بحالهن فقد تبلغ بعض النساء الشيخوخة والكبر في الستين والسبعين وهي تطمع في النكاح وتتبرج للرجال
ولم ينسب الرجاء إلى الرجال حيث لم يقل ترجون نكاحهن لأن الرجل يعمل بالظاهر الفطري فمن بلغت عنده فوق الستين فهي من القواعد
فأعاد الله لهن الرجاء فقال لا يرجون إدخالا لما قد يندر من أحوال النساء مما قد يحكم الرجال بأنها من القواعد مع أنها ترجو وتطمع في النكاح ولو كانت في الستين
فعلم بهذأ أن الآية تعالج الغالب الفطري والعادي فيما يعرفه الناس لغة وعرفا أن هذه من القواعد وتعالج النادر إن حصل ..
فمن شاخت ولا زلات ترجو نكاحا فليست من القواعد التي تشملها الرخصة
السابعة : تفسير وضع الثياب في آية القواعد غير وضع الثياب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى